لو سألك شخص:
ما الذي يحتكم الناس إليه في تعاملاتهم
ويعدون حكمه قمة العدل والإنصاف والدقة
بل لم يُنتقَد على مرّ الأزمان
إنما هو العدل والإحسان!
ومع ذلك فحكمه:
أنه يرفع صاحبه الملازم له
ويضع ما يطلب منه العدل فيه
فعندها يوصف بالعادل
ويوسم بالصادق
ويصدر عنه القوم وهم راضون
ولن تجد لحكمه من منكر!
بل من لم يرض بنتيجة حكمه
عدّ من الظالمين المعتدين!
ثم تسمع الناس بعد حكمه
يصفون محكومهم بأنه نال حقه من العدل
وأنه وإن كان (محكومهم) أفضل من الخصم الذي ارتفع وأعلى منه مكانة
إلا أن العدل هو ما ذهب إليه هذا القاضي الراضي
فحق العالي منزلة ومكانة هو ما ذهب إليه الحاكم العادل
من الوضع والسكون والركود !
وحق الوضيع صاحب القاضي: الرفع والسمو وعلو المكان !
***
لعلكم في شوق لمعرفة من هذا القاضي؟
ومن هما الخصمان؟
وكيف يعد حيفه الواضح
وانحيازه الفاضح، عدلاً يرضى به الجميع؟
إن هذا القاضي أو الحاكم
هو الميزان
يرفع في كفة الحديد الرخيص
ويضع الذهب والجوهر النفيس
وعندها يوصف بالدقة والعدل!
أرأيتم أيها الإخوة إلى هذا المعيار!
من منا لا يرضى بهذا الحكم؟ !
ألا نصف الميزان حينها بالعادل
وإنما هو قد رفع الوضيع ووضع الرفيع؟ !
عجبت من الميزان يوصف عادلاً ** وترضى به الأخصامُ دوماً وتهتدي
فكــل غـريب حقــه الوضــع عنده ** ويرفـع عن قصدٍ قريــباً فيفتدي
وما زال موصـــوفاً بدقة حـكمـــه ** ومن عابه عـدوه أكبـــرَ معتــدي
وأبلغ وصـــف قلتــــه فيه : إنمـــا ** أتيت مثــــالاً للرفيــع المُــجَـردِ
******
فليس كل ما ارتفع ، عالي المقام!
ولا كل من وضِع ، فاقد الاهتمام!
فلا تغرنكم المظاهر وظاهر الأحكام!
فميزان الدنيا عادل !
{والوزن يومئذ الحقّ}