مغاسل الثقافة العربية ! ومقاهى الفردوس !! (مفهوم النشر والمنتديات الحديثة)

لم يعد من الغريب أن ترى كل يوم عجائب لوحات المحلات
من أخطاء إملائية وطباعية ونحوية …

ولدينا في بناء أزمة مشابهة
من كثرة هذه الأخطاء في عناوين الموضوعات !!

وإنما خصصت بناء لأنه يعنينا أولاً، ولأن المنهالين عليه من حملة هذا الخلل كثير
حتى أصبحت أقارن بين منتدى بناء والمنتديات الكبرى
لأزداد يقيناً بأن لبناء نصيب الأسد من كثرة الأخطاء التي لا تعهد إلا في الابتدائية!!

خرجنا عن موضوعنا قليلاً ؛ لأن الشيء بالشيء يذكر!

فلنعد لمغاسلنا وملاهينا !!

مررت ذات يوم بلوحة من الحجم العائلي
قد حظيت بفن الإخراج الخاص
ويبدو أن صاحبها طبق عليها تخصصه
فنالت نصيبها من النظافة والنصوع
كتب عليها
مغاسل الثقافة العربية

فتوقفت عندها برهة
قلت: لعل أخانا تخصص في غسل ثقافتنا مما ابتليت به
من عوادي الأيادي
ولوك الألسنة
وتحكم الدخلاء!!

حتى إني فكرت لوقت ليس باليسير
بأن صاحب المشروع ربما كان من العباقرة
وقد اخترع هذا الاسم لمكتبة واعدة، أو دار نشر رائدة ، أو مركز بحث فريد!!

حتى إني فكرت أنه ربما كان من أصحاب الحدث والحداثة
فأراد أن يغسل الثقافة غسلاً ، ويأتينا بغسيل جديد!

وبينما أنا أتنقل ببصري بين اللوحة المهيبة ، والأفكار اللهيبة
متعطشاً لرؤية ما سيغسله صاحبنا من ثقافتنا العربية
وهل هو معنا أو ضدنا

وإذا بالفاجعة المرة
التي تحطمت آمالي أمامها ، وزادت في نفسي آلامها
تحسراً على الثقافة المقهورة، واللغة المنحورة!!

إنها مغسلة ملابس

لم يجد صاحبها اسماً لها غير هذا الاسم

وإن كنت ألقي عليه من اللوم شيئاً
فإني ألقي اللوم كله على من منحه حق امتهان الاسم من الجهات المسؤولة!
التي أوصلت كثيراً من المبتدئين في التجارة إلى حد الجنون في اختيار الأسماء
فيصدم الشاب بعقدة الاسم، لأنه تحت رحمة جهاز عقيم سقيم
فيالفرحته حين يرمي اسماً فيقبله الجهاز العربي العنيد
فلا تسأل حينها عن معنى الاسم أو قبوله أو تقبله
فصرنا نرى:
بنشر السعادة ، ومطعم النور ، وبقالة الإيمان ، ومتجرالسلف !!

بل إن من العجائب أن أحد أصحاب المقاهي سمى مقهاه الرديء
باسم من أسماء الجنة بل هو أعلاها

مقهى الفردوس

فحينها فلتشكر صاحب المغاسل أنه قد نشر ما بقى من ثقافتنا العربية
وصنع ما لم نصنعه نحن
فلا نحن غسلنا ، ولا نحن نشرنا !

وأما المقهى والملهى
فهو المثال الحديث للمنتديات العصرية
ألا ترى كثرة المقبلين عليه
وما يقدمه لهم من خدمات الكيف والراحة
وما يحصل فيه من تجاذب أطراف الحديث
وتداول أحوال الأمة وتقرير المصير !!
حتى ليظن مرتادوه أنهم في النعيم خالدون!!

فطابق الاسم المختار بعناية واقعاً نحن منه محرومون!!

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *